كلمة المشرف العام

الحمد لله ولي التوفيق والهداية، ومبلِّغ الصادق في الإقبال عليه إلى الغاية، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إليه مرجع الأمر كله بداية ونهاية، ونشهد أنَّ سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، الغاية القصوى في حُسن البلاغ عن الله، والإيصال إليه تعالى في عُلاه، أكرمِ من وعى خطاب الرَّحمن، وأدَّى الأمانة لصلاح السرِّ والإعلان، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك المصطفى سيدنا محمد، وعلى آله المطهرين عن الأدران وأصحابه الغرّ الأعيان، من وعوا عنه بلاغه عنك، وقاموا به خير قيام، وعلى من والاهم فيك وأحبَّهم، وعلى مسلكهم استقام، وعلى آبائه وإخوانه من أنبيائك ورسلك العظام، وعلى آلهم وأصحابهم وأهل الاقتداء والائتمام، وعلى ملائكتك المقرَّبين الكرام، وجميع عبادك الصَّالحين، وعلينا معهم وفيهم برحمتك يا ذا الجلال والإكرام، أمَّا بعد:

فإلى جميع إخواننا في الله، نَحْمِلُ الوصيَّة بتعظيم أمر الله وبخدمة شريعة الله جلَّ جلاله وتعالى في علاه، وإنَّ من أعلى الأسس لخدمة الشريعة تلقِّي العلم الشرعي المصون المسند للعمل به وتعليمه ونشره في الآفاق، فكان ذلك الأساس يتضمَّن كلمَّا يتفرع من صدق وحسن الخدمة لنصرة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وكان من المساهمة في هذا الميدان وهذا الشأن، قيام أكاديمية سند لأجل الوصلة بالعلم من أجل العمل والتزكية ومن أجل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، فإنَّ شأن العلم ورفعة درجاته سبَّب الإعراضُ عنه والاحتقار له مصائب ومشاكل كثيرة في واقع الأمة، ثم سبَّب أخذه من غير وجهه ومن غير محلِّه ومن غير أهله، وعلى غير المسلك الذي كان عليه الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان، سبَّب أيضاً إشكالات قد تكون في بعض الأحوال أكبر وأشد من إشكالات الإعراض أو ممَّا سبَّبه الإعراض من مصائب وآفات في الأمة، وفي هذا يقول سيدنا عمر بن الخطاب عليه الرضوان: أخوَفُ ما أخاف على الأمة المنافق العليم، قالوا: وكيف يكون منافقاً عليما؟ قال: عليم اللسان، عليم اللسان.. ولكنه منافق القلب.

وهكذا يحصل الضرر في أخذ العلم عن غير أهله وبغير سند، ولكن باجتماع تعظيم علم الشريعة واكباره وإجلاله، وأخذه عن أهله ورجاله، وتطبيق وتنفيذ أحكامه وأعماله، ونشرها في البريَّة يحصل بذلك سدُّ كل خلل، ودفع كلِّ انحراف وزلل، ورفع لكلِّ ما أشكل وما أعضل من المشكلات والأدواء، لذلك كله نحمد الله الذي يسَّر هذه الأسباب للاتصال بالسند، وقد كان يُرحَل في زمن الصحابة ومن بعدهم مسيرة شهرين لأجل تلقي حديثٍ واحد يؤخذ بالسند لما عرفوا من قدْر العلم وقدر الحديث وقدْر السند إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ويسَّر الله الآن هذه الأجهزة والوسائل لتلقِّي هذا العلم وشرحه وترتيبه حسب المنهج الذي وضع في دار المصطفى، والترقي به في ربَّانيةِ تعليم صغار العلم قبل كباره، والتدرج للاتساع على النمط المتلقَّى عن أرباب الصدق والاتساع والاطلاع والارتفاع – عليهم رضوان الله تبارك وتعالى – فيسَّر الله إطلاق هذه الأكاديمية بهذا البرنامج ، وفي فترته التجريبية قد انضمَّ إليه عدد يفوق الثمانية الآلاف ونحو ثمانية آلاف وستمائة (8600) فهو وسيلة وساحة وميدان لخدمة الشريعة والدين وللاتصال بعمق هذه الخدمة من حيث التعليم وأخذ العلم عن من لهم فيه سند واتصال بأئمة هذه الملَّة والشريعة الغرَّاء، من كل صادق أمجد (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)، فنُحبُّ الحرصَ على توسيع نطاق هذه الفائدة لتعود كريم العائدة على الأمة بخيرات تبسط بها مائدة من سرِّ الصلات القلبية علماً وذوقاً وعملاً وتعليماً بالمصطفى عليه الصلاة والسلام ووحيه الذي أوحاه الله إليه وتنزيله عليه.

شرح الله الصدور وبارك في جميع القائمين على هذه الخيور وكل المساهمين والمساعدين على النشر لهذه الأسباب القوية لإحياء الطريقة السويَّة في تلقي العلوم الشرعية للعمل بها وتعليمها ونشرها ابتغاء وجه عالم الظاهرةِ والخفيّة ربّ البريّة، وفَّق الله وأخذ بالأيدي وأسعد كل من أقبل ومن علَّم ومن تعلَّم في هذه الميادين، وجعلهم في عنايته ورعايته ورعاية حبيبه الأمين صلى الله عليه وسلم وجمعنا بهم في الدرجات العلى مع خيار الملا في لطف وعافية وأصلح الله شأن الأمة وكشف عنهم كل غمَّة وأوضح لهم السبيل ووفقهم للاستقامة على أقوم ذلك المسلك الجليل في لطف وعافية إنه أكرم الأكرمين بسر الفاتحة إلى حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.


الحبيب العلامة المربي / عمر بن محمد بن حفيظ

المشرف العام لأكاديمية سند